متى ينفّذ الجيش الإسرائيلي عمليته الواسعة جنوبًا وكيف سترد المقاومة؟

بين فترة وأخرى تنتشر معلومات صحفية أو من خلال بعض مراكز الدراسات الأمنية أو مصادر دبلوماسية أو مصادر إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يستعد لتنفيذ عملية عسكرية واسعة على جنوب لبنان والهدف منها القضاء على البنية التحتية لـ”حزب الله” وإخراج قوات الرضوان ومقاتلي الحزب من منطقة جنوب الليطاني وتطبيق القرار 1701 بالقوة.

 

وللأسف فإن بعض الإعلاميين اللبنانيين والناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي يعمدون لنشر هذه المعلومات والتهديدات الإسرائيلية وكأنها قرار نهائي وحاسم، ويدعو هؤلاء للاستعداد لمواجهة هذا الهجوم الإسرائيلي أو الاستجابة لمطالب العدو الإسرائيلي بوقف العمليات عبر الجبهة الجنوبية والانسحاب من منطقة جنوب الليطاني وتطبيق القرار 1701 سلميًا قبل أن يفرض تطبيقه بالقوة.

 

فما صحة هذه المعلومات؟ وهل يستطيع الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد جنوب لبنان أو ضد لبنان؟ وما هو موقف المقاومة من هذه التهديدات؟ وما هي الخيارات الواقعية في مواجهة العدو الإسرائيلي وتهديداته؟

 

خلال الـ48 ساعة الماضية انتشرت معلومات مصدرها صحف إسرائيلية وبعض المصادر الدبلوماسية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي بأن العدو الإسرائيلي يستعد لتنفيذ عملية عسكرية ضد لبنان، ومضت هذه السّاعات دون حصول هذا العدوان، وقبل حوالي الشهر أيضًا نشرت معلومات من مصادر إعلامية غربية ومن بعض مراكز الدراسات الأمنية الغربية بأن الجيش الإسرائيلي وجه لـ”حزب الله” تهديدات للانسحاب من جنوب الليطاني وإلا سينّفذ عملية عسكرية واسعة ضد لبنان، وتبين عدم صحة هذه المعلومات.

وقبل ذلك نشر بعض المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين أن بعض المسؤولين الإسرائيليين عرضوا تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد لبنان في العاشر من شهر تشرين الأول (اوكتوبر) من العام الماضي ولكن حصلت معارضة إسرائيلية وأميركية ضد هذا التوجه، وفي الخلاصة لم تنفذ العملية.

 

ورغم كل العمليات العسكرية التي نفذها “حزب الله” وقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية خلال الأشهر الماضية ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنات الإسرائيلية لم يلجأ الجيش الاسرائيلي لتنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد لبنان واكتفى بعمليات موضعية وقصف القرى والمدنيين وعمليات الاغتيال، كل ذلك يؤكد أن خيار الذهاب إلى عملية واسعة من قبل الجيش الإسرائيلي ليس بالخيار السهل في ظل إستمرار الحرب في قطاع غزة واشتعال جبهات عديدة ضد الجيش الإسرائيلي والكيان الصهيوني ولأن أية عملية عسكرية واسعة لن تنتهي بما يريده العدو الاسرائيلي بل سيكون لها نتائج وخيمة على الكيان الصهيوني وعلى كل المنطقة.

 

وردًا على هذه التهديدات تقول مصادر قيادية في “حزب الله” يجب أن يفهم العدو جيدًا ‏الرسائل الميدانية والنارية للمقاومة التي عبّرت عنها من خلال ‏المواجهات الأخيرة ونوعية الأسلحة والصواريخ المستخدمة فيها، وأن ‏يعلم أنّ أي تمادٍ في العدوان على جنوب لبنان سيقابل برد حاسم ‏وسيوسّع من دائرة استهدافات المقاومة. ‏وأنّ توسيع العدوان على لبنان لن يكون نزهة، وإنما سيضع العدو ‏على حافة الهاوية، وسيجعل كيانه تحت نيران المقاومة، ولذلك على ‏العدو ألا يُخطئ في الحساب، فصحيح أنّ المقاومة تتجنّب الانجرار ‏للحرب مراعاة للمصلحة الوطنية، لكنها إذا فُرضت عليها لا تخشاها ولا ‏تخافها، وهي على أتمّ الاستعداد والجهوزية لمواجهتها بكل قوة ‏وشجاعة واقتدار وإلى أبعد مدى.‏

 

وأضافت المصادر القيادية أنّ المقاومة لم تستخدم في عملياتها حتى ‏الآن إلا القليل من قدراتها وإمكاناتها وسلاحها وصواريخها، لأنّ المعركة ‏محدودة، لكن إذا فكر العدو بحرب واسعة على لبنان فهو يعلم أنّ قدرات ‏المقاومة تتجاوز المواجهة عند الحدود، وأنّ الصواريخ الدقيقة لدى ‏المقاومة تصل إلى كل مكان في الكيان الصهيوني، وأنّ جميع الأهداف ‏والمواقع الإسرائيلية في البر والبحر وعلى امتداد الكيان هي تحت ‏مرمى الصواريخ الدقيقة للمقاومة في لبنان. ‏

 

وتابعت هذه المصادر: “إذا كان العدو يعتقد أنّ بإمكانه من خلال توسيع دائرة ‏المعركة أن يضغط على المقاومة ويفرض عليها مُعادلة جديدة، فهو ‏واهم ومُخطئ، لأنّ المقاومة لن تسمح للعدو بفرض معادلة جديدة ‏تُمكّنه من تحقيق ما يريده أيًّا كانت التضحيات، وهي تملك من القوة ‏وصلابة الموقف ما يُحبط كلّ محاولات العدو لإبعادها عن الحدود ودفعها ‏للتخلّي عن مساندة غزة.”

 

وعلى ضوء هذه المعطيات قد يكون تسريب هذه التهديدات يهدف لإثارة الرعب والخوف أو لفرض بعض الشروط على المقاومة في ظل استمرار الدعوات الداخلية والخارجية لوقف العمليات عبر الجبهة الجنوبية، لكن ذلك لا يمنع الحذر والانتباه من إمكانية تطور العمليات العسكرية في الجنوب إلى حرب واسعة والمقاومة جاهزة لذلك، وإن كانت بعض المصادر الدبلوماسية والعسكرية تشير إلى أن الجيش الاسرائيلي يسعى حاليًا لتحقيق أهداف العملية العسكرية الواسعة دون أن يتم تنفيذها وذلك من خلال العمل لتدمير البنية التحتية لـ”حزب الله” في مناطق الجنوب والضغط الكبير على المدنيين وعمليات الاغتيال لكوادر المقاومة، وبذلك لا يكون هناك ضرورة لتنفيذ عملية عسكرية واسعة بانتظار انتهاء الحرب في غزة وبعد ذلك لكل حادث حديث .

Exit mobile version