التحالف الشيعي يتقاسم إدارة 9 محافظات ويتعثر في البصرة وديالى

مع إقتراب مباشرة مجالس المحافظات مهامهم، فالخلافات داخل الإطار التنسيقي ما زالت مستمرة ومبدئيًا اتفق “الإطار” على توزيع إدارة 9 محافظات جنوبية بين قوائم التحالف الذي يضم 15 حزبًا وحركة، مع بقاء 3 محافظات متأرجحة.

وبدأ “الإطار” بحصد ثمار نتائج تقسيم أجنحته على قوائم متفرقة في الانتخابات، وهو تكيتك اعتمده التحالف الشيعي لجمع أكبر عدد من الأصوات.
وقد منح هذا الاجراء، الإطار التنسيقي نحو 153 مقعداً من أصل 285 في 15 محافظة، لذا لجأ التحالف إلى تشكيل “إطار محلي” على غرار “التنسيقي” الذي شكل الحكومة الاتحادية العام الماضي. واعتمد التحالف الشيعي في عملية توزيع ادارة المحافظات داخل “الإطار” على تقسيم المحافظات إلى فئة ” أ، و ب” حسب أهمية المحافظة وحجمها. وبغداد العاصمة، ستكون ضمن التصنيف الأول، ومن سيحصل على إدارة العاصمة فقد لا يحصل على منصب محافظ آخر.
وتأتي بعد بغداد، بحسب تصنيف المحافظات داخل “الإطار”، البصرة، ثم الموصل، والنجف، ثم المدن الأصغر مثل بابل وكربلاء وديالى والاخريات.
و”الإطار” يخضع لحسابات داخلية معقدة بشأن توزيع مناصب المحافظين، وتعلق حسم بعض الحكومات المحلية بصفقات أبرمت على حساب قضية رئاسة البرلمان.

خصوصية البصرة

بعد ظهور نتائج الانتخابات مجالس المحافظات وسيطرة الإطار الشيعي على أغلب المقاعد، كان يفترض بالتحالف أن يقوم بعملية “تغيير شاملة” لكل المحافظين. كان بعض المحافظين قد قضوا أكثر 10 سنوات في الموقع نفسه بسبب غياب مجالس المحافظات، حيث عطل القضاء تلك المؤسسات في اعقاب احتجاجات تشرين 2019، عملا بمطالب المتظاهرين.
ما أوقف “الإطار” المضي بخطته في استبدال كل المحافظين هو بروز ظاهرة “اكتساح” بعض المحافظين الحاليين أغلبية الأصوات بالمحافظات، وأبرزهم هو أسعد العيداني محافظ البصرة.
وبدأ الصراع الشيعي مع العيداني منذ عام 2018، حين كانت البصرة تشتعل بالتظاهرات التي سبقت احتجاجات تشرين بعام واحد.
آنذاك كان حيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق، وحلفاؤه الشيعة محرجين مما يجري في المحافظة، وحاولوا رمي المسؤولية على العيداني، الذي كان وقتذاك قد تسلم المحافظة قبل سنة واحدة.

العيداني المعروف بتاريخه المتناقض من الانتماءات السياسية، إلتف وقتذاك على العبادي واختبأ خلف عباءة مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، على الرغْم أنه كان قد انشق عن العبادي الذي ترشح عنه في انتخابات 2018 وانضم بعد ذلك الى فريق هادي العامري زعيم منظمة بدر. وقال العيداني في الجَلسة المشهورة التي جرت في 2018 داخل البرلمان لمناقشة أوضاع البصرة التي شهدت عمليات عنف حينها، ردا على رئيس الوزراء الذي وبخه أمام الكاميرات بسبب ترك البصرة ووجوده في بغداد، بانه “كان عند السيد الصدر”!
ورشح المحافظ الجديد وقتها أسعد العيداني، على قائمة “العبادي” في التسلسل رقم 5 واختير العيداني محافظاً في اب/ اغسطس 2017، عقب فضيحة لاحقت خلفه السابق ماجد النصراوي الذي هرب من المحافظة بعد اتهامات بالفساد. والعيداني هو مزيج متناقض من الخلفيات السياسية إذ ينتمي الى المؤتمر الوطني ويشغل منصبا رفيعًا في صفوفه، فيما كان مرشحا لمجلس النواب عن كتلة دولة القانون خلال انتخابات 2014.
واعترف تيار الحكمة، بعد إختيار العيداني بوقت قصير كمحافظ للبصرة، بأنه مرشح التيار، وطالبه بالمزيد من العمل لخدمة البصرة.

وفي انتخابات 2021، فاز العيداني مرة ثانية بمقعد في البرلمان لكنه استمر في منصبه كمحافظ، وكان وقتها قد تزعم مع النائب عامر الفايز تجمع جديد باسم “تصميم”، وأضحي فيما بعد احد أركان الإطار التنسيقي.
لكن “الإطار” بقي ينظر الى العيداني بعين الريبة، خصوصا مع موقفه غير الواضح في أعقاب أزمة تشكيل الحكومة في 2022، وأنباء تأييده لجبهة الصدر على حساب التحالف الشيعي.
وبعد أن استلم الإطار التنسيقي السلطة أواخر 2022، أراد التحالف ازاحة العيداني من منصب المحافظ لكن الصدر أوقف ذلك الأمر، بحسب ما يدور من أحاديث في الكواليس.
وكان العيداني هو المسؤول الوحيد الذي استقبله الصدر بعد عزلته السياسية، قبل عامين، حين زاره محافظ البصرة مع فريق كرة القدم الذي فاز وقتذاك بدورة الخليج. ولم تنته الازمة عند هذا الحد ففي آب الماضي، اتهمت أطراف من “الإطار”، العيداني بإبرام صفقة لبيع أراضي عراقية الى الكويت مقابل اكثر من 40 مليون دولار. بدوره قام محافظ البصرة في ذلك الوقت، باتهام نواب ومسؤول في منظمة بدر، بزعامة هادي العامري بافتعال الأزمة.

وانبرى الصدريون للدفاع عن العيداني في المنصات المحسوبة على التيار، عقب ظهور العيادي على التلفزيون. جَمهور الصدر حاولوا التبرير لمحافظ البصرة، بعد وقت قصير من تصعيد التيار ضد الإطار التنسيقي واتهامهم ببيع البصرة الى الكويت قبل ان يتبدل موقفهم.
ودارت في الكواليس حينها أنباء عن دعم الصدريين لمحافظ البصرة، او أن العيداني يحاول ان يحصل على تأييد التيار في الانتخابات المحلية، ثم اشارت الى أن الصدريين قد صوتوا الى المحافظ. وحصل العيداني في الانتخابات الأخيرة على المركز الأول في أعلى الأصوات بنحو 160 ألف صوت ما يعادل 26% من أصوات البصرة، وكتلته “تصميم” جمعت اكثر من 300 الف صوت.
ووفق ذلك فإن قائمة العيداني حصلت على 12 مقعداً من أصل 23، وهي صاحبة الأغلبية المريحة، رغم ان هناك محاولات للحصول على تفسيرات قضائية عكس ذلك. وتقول المصادر في البصرة أن “أعضاء في الإطار التنسيقي يريدون الحصول على تفسير من القضاء بأن نصف عدد المقاعد زائدا واحد في البصرة هو 13 مقعد”.
وقرر العيداني أن يفتتح أول جلسات مجالس المحافظات في العراق، حيث اصدر قرار باجتماع الفائزين بالانتخابات يوم الثلاثاء 30 كانون الثاني/ يناير الحالي. ويتوقع إن الجلسة المفترضة قد تشهد مقاطعة فريق الإطار الشيعي، لكن بكل الأحوال سيتمكن العيداني من إدارة الجلسة لانه يملك اكثر من نصف المقاعد.
ويتهم “الإطار” العيداني بانه استغلال مقدرات المحافظة خلال فترة الدعاية الانتخابية لاقتراع مجالس المحافظات الأخيرة.
ويقول القيادي في تحالف الفتح علي الفتلاوي أن “محافظ البصرة اسعد العيداني استغل موقعه التنفيذي بشكل مكشوف لحساب الحملة الانتخابية من اجل كسب الأصوات خلافا لتوجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ” . وأضاف إن ” العيداني قام بمخالفات كثيرة لاجل كسب الأصوات لصالح قائمته الانتخابية أبززها توزيع الأراضي خارج الضوابط الرسمية مع استغلال موارد المحافظة”.

باقي المحافظات

ووفق التقسيمات داخل التحالف الشيعي، وفق ما وصل الى “جسور” من مصادر مطلعة، فان محافظات بابل وذي قار والديوانية ستكون من نصيب تحالف نبني بزعامة هادي العامري، ويضم اغلب قوى الحشد الشعبي، وسيتولى التحالف كذلك محافظتي ميسان او ديالى. وستكون بابل من حصة عصائب أهل الحق التي تدير المحافظة الآن، والديوانية من حصة كتلة سند التابعة لوزير العمل احمد الأسدي.

أما ذي قار والتي يديرها محمد الغزي المحسوب على الصدر، فان التنازع مستمر بين تيار الحكمة وتحالف نبني. وهناك بالمقابل مشاكل اخرى في بغداد وديالى، حيث يحاول تيار الحكمة سحب بساط المحافظ من تحت قدمي دولة القانون، التي تسيطر على هذا المنصب لدورات عدة. ويعتقد بأن الحكمة بزعامة عمار الحكيم وبدعم من هادي العامري، يخططان لترتيبات مع محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان المبعد، لمنح حزبه رئاسة البرلمان مجددا، مقابل تصويت أعضاء “تقدم” التابعة للحلبوسي، في مجلس بغداد لصالح الحكيم في منصب المحافظة. والسيناريو نفسه قد يتكرر في ديالى، حيث يخشى العامري ضياع منصب المحافظ من يده هناك، ويحتاج أيضا الى دعم الحلبوسي.

ويبدو أن هذا الأمر قد أغضب دولة القانون، بزعامة نوري المالكي التي تخطط لاختيار عبد المطلب علي العلوي، عضو الائتلاف الفائز في بغداد، لمنصب المحافظ بعد خسارة المحافظ الحالي محمد جابر، وهو عن دولة القانون أيضا، بالانتخابات المحلية.

بالآلية نفسها يريد نوري المالكي، أن يحصل على دعم تحالف عزم، وهو تحالف سُني منافس للحلبوسي، في بغداد لاختيار المحافظ، مقابل دعم مرشح الأول في رئاسة البرلمان محمود المشهداني.

ويرجح أن دولة القانون ستحصل على منصب محافظ واسط التي يديرها الآن محمد المياحي المحسوب كذلك على الصدريين، ويمتلك 6 مقاعد من اصل 14. كذلك قد يحصل ائتلاف المالكي على منصب محافظ المثنى، فيما قد يذهب محافظ النجف وهي أهم معاقل الصدريين، الى الحكمة كذلك. بالمقابل لم يحسم أمر كربلاء، حيث يمتلك المحافظ الحالي نصيف الخطابي القريب من المالكي غالبية الأصوات (7 من اصل 13 مقعدا).

Exit mobile version