ليز تراس تطلق حركة سياسية جديدة في بريطانيا

على الرغم من فشلها الذريع كرئيسة للحكومة البريطانية العام الماضي، لم تترك ليز تراس الساحة، وها هي تطلق حركة سياسية جديدة لدفع المحافظين إلى تبنّي أفكار أكثر يمينية.

لم تقضِ ليز تراس سوى فترة وجيزة مدّتها 49 يوماً في السلطة، قبل أن يطيح بها حزبها في أكتوبر/تشرين الأول 2022، بعدما قدّمت حكومتها ميزانية مقترحة تسبّبت في حالة من الذعر في الأسواق المالية.

ولكن بعيداً من الإحباط، تمكّنت تراس من البقاء حاضرة في اللعبة السياسية، مثيرة استياء لدى خليفتها ريشي سوناك، الذي يتخلّف عن المعارضة العمالية بشكل كبير في استطلاعات الرأي التي تسبق الانتخابات التشريعية التي ستُجرى بحلول يناير/كانون الثاني 2025.

ومنذ الإطاحة بها، حثّت تراس الحكومة على خفض الضرائب، وإعادة تطبيق بعض التدابير لتحقيق الحياد الكربوني، وإلى رفع سنّ التقاعد.

إضافة إلى ذلك، تُطلق رئيسة الحكومة السابقة الثلاثاء حركة جديدة داخل حزب المحافظين المنقسم إلى فصائل عدّة، باسم “المحافظون الشعبيون” أو (Popcons)، وهي مجموعة تلقّت دعم بعض مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومدافعين عن السوق الحرة.

وستحاول هذه المجموعة الضغط من أجل سياسات ضريبية وسياسات هجرة أكثر صرامة، بينما يستعدّ المحافظون لصياغة برنامجهم للانتخابات المقبلة.

على أنّ ذلك سيزيد الصعوبات أمام رئيس الحكومة ريشي سوناك، الذي يكافح للحفاظ على توازن بين الوسطيين والجناح اليميني في حزبه. وفي هذا الإطار، يقول عالم السياسة تيم بايل من جامعة كوين ماري في لندن لوكالة فرانس برس، إنّ “محاولات التقويض التي تقوم بها تراس لـ(عمل) خليفتها تعدّ أمراً غير عادي ولكنّها ليست غير مسبوقة”، مستشهداً بالمحاولات التي قامت بها مارغريت تاتشر لإعاقة عمل جون مايجر في التسعينيات.

حروب ثقافية
من المتوقع أن يدعو “المحافظون الشعبيون”، خلال أول لقاء لهم في لندن، الحكومة إلى تحرير نفسها من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أو إلى إلغاء قانون المساواة، وسط “حروب ثقافية” ضدّ النشاط التقدّمي.

مع ذلك، لن يطالبوا بإقالة ريشي سوناك من قيادة الحزب مع اقتراب الانتخابات، خصوصاً أنّه يعدّ خامس زعيم لحزب المحافظين منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في العام 2016.

ولكن يبقى من الصعب معرفة عدد المسؤولين المنتخبين الذين سينضمّون إلى صفوف حركة تراس، لا سيما أنّ هذه الأخيرة لا تحظى بشعبية كبيرة داخل حزب المحافظين.

علاوة على ما تقدّم، ينظر البريطانيون إلى رئيسة الحكومة السابقة بطريقة سيئة جداً، إذ يحمّلونها مسؤولية جزئية عن أزمة تكلفة المعيشة التي تمرّ بها البلاد.

وقد منحها استطلاع للرأي أجراه معهد “سافانتا” في يناير/كانون الثاني، نسبة تأييد قدرها -54، وهي أسوأ نسبة بين جميع الشخصيات السياسية التي شملها الاستطلاع.

وفي هذا الإطار، يقول مدير الأبحاث السياسية في المعهد كريس هوبكينز، إنّ “الشيء المثير للاهتمام هو أنّ معظم السياسيين الذين لا يتمتعون بشعبية، لديهم القدرة على التعافي بمجرّد مغادرة مناصبهم… لكن هذا ليس حال تراس”.

من جهته، يشكّك الأستاذ المتخصّص في السياسة البريطانية في جامعة ليفربول، في أن “تصل تراس إلى حدّ الاعتقاد بأنّ لديها فرصة أخرى للوصول” إلى 10 داونينغ ستريت.

ويعرب عن اعتقاده بأنّ هدفها يتمثّل في التأثير على القيادة المستقبلية للحزب، بينما تحاول استعادة سمعة جيّدة. ويقول “يتعلّق الأمر بـ(إعادة) تشكيل (الحزب)، ومن ثمّ ربّما الحصول على وظيفة لائقة” بمجرّد عودة الحزب إلى المعارضة.

بموازاة ذلك، يؤكد مصدر مقرّب من ليز تراس أنّ لديها “أفكار ثابتة بشأن الاتجاه المستقبلي للحزب والبلاد”، موضحاً أنّ رئيسة الحكومة السابقة ستسعى مبدئياً إلى إعادة انتخابها نائباً خلال الانتخابات المقبلة.

Exit mobile version