حكومة السوداني تنوي إنفاق مليارات لإصلاح قصور صدام

تواجه حكومة محمد السوداني أول اتهام بتبديد الأموال منذ استلام السلطة نهاية 2022، بسبب استعدادات القمة العربية التي تنوي بغداد استضافتها في عام 2025.

وأعلنت الحكومة العراقية، مساء الإثنين الماضي، عن تقديم طلب لاستضافة القمة العربية في ثاني استضافة للحدث العربي بعد 2003 في بغداد والرابعة منذ تأسيس الجامعة العربية قبل نحو 80 عاما.

ويأتي طلب العراق ضمن سعي حكومة السوداني بالانفتاح على العالم العربي والإقليمي والدولي، لكنها سياسة تصطدم أحيانا ببعض شركاء الحكومة القريبين من إيران.

وعاد رئيس الوزراء مؤخرًا، من قمة عالمية حول الأمن التقى فيها عدد من الزعامات الأوروبية ومسؤولين أميركان، فيما تلقى دعوة للمرة الثانية لزيارة واشنطن.

وقال بيان للناطق باسم الحكومة، باسم العوادي، قبل نحو أقل من 3 أشهر من انعقاد القمة العربية لعام 2024 في البحرين، إن “العراق قدم طلبا لاستضافة القمة العربية لعام 2025 في العاصمة بغداد، وتسعى الحكومة إلى استكمال مقومات هذه الاستضافة، بما يناسب الضيوف من قادة الدول العربية، وفقا للأعراف الدبلوماسية وبما يتلاءم مع مكانة البلد المستضيف وسمعته”.

وأشار إلى أن “الحكومة شرعت بتهيئة وتأمين المستلزمات الضرورية لذلك”.

وزارات تعترض على الحكومة

تصريحات العوادي، التي كشف فيها عن طلب العراق لاستضافة القمة العربية، جاءت عقب اتهامات للحكومة بإنفاق مليارات لتصليح قصور رئاسية.

وقال المتحدث باسم الحكومة إنه استعداد لذلك الحدث “أصبحت الحاجة ملحة لتهيئة البنى الأساسية اللازمة ومنها تأهيل مقرات الضيافة الحكومية المتردية بشكل كبير وواضح للعيان”.

وبين أنه بعد تداول وثيقة على منصات التواصل الاجتماعي تشير إلى تأهيل عدد من (الدور)، أكد أن “الحكومة قد ارتأت تأهيلا شاملا لبعض المجمعات الرئاسية والتي تضم عددا من دور الضيافة الكبرى”.

وأشار العوادي إلى أن بعض تلك القصور قد شغلت سابقًا من قبل “بعض الوزراء والنواب مما جعلها بحاجة إلى إجراء عملية صيانة وتأهيل شامل”.

وعن تكاليف الترميم قال العوادي إن وزارة الإعمار أعدت الكشوفات المطلوبة ووفقا لمحدداتها السعرية والفنية، وعرضتها وزارة التخطيط على مجلس الوزراء، داعيًا إلى “توخي الدقة في نقل المعلومات”.

وكان مصطفى سند النائب المحسوب على الإطار التنسيقي كشف عما اعتبره مخالفة كبيرة في مكتب رئيس الوزراء بترميم 10 منازل (فلل) بقيمة 26 مليار دينار، واعتراض وزارتي التخطيط والمالية على صرف الأموال.

وعلق سند في منشور له على فيسبوك باللهجة العامية قائلاً “أريد مكتب رئيس الوزراء يتريك (يتناول فطوره) بهذه الوثيقة التي تثبت المخالفة الكبيرة”. وأضاف سند أن “هناك مئات من موظفي الدولة يقبعون بالسجون بسبب مخالفات أقل بكثير من مخالفة مكتب رئيس الوزراء محمد السوداني”.

ونشر سند وثائق قال إنها من وزارتي المالية والتخطيط، تظاهران اعتراض الوزارتين على المبالغ المخصصة لترميم القصور بأسعار مرتفعة عن السوق.

وقبل ذلك نشر سند استفهام حول صرف مبالغ ضخمة لترميم المنازل الرئاسية، مؤكدا أن لوبي داخل مكتب رئيس الوزراء يضغط على وزارتي المالية والتخطيط من أجل صرف المبالغ.

ويشغل مسؤولين في الدولة بعد 2003 نحو 250 منزلا يعود إلى فترة نظام صدام حسين، حيث تؤجر بأسعار رمزية بين 30 إلى 200 دولار، بحسب وثائق نشرت قبل 5 سنوات.

وستكون هذه القمة حال عقدها في بغداد، الأولى بعد نحو 13 عاما من استضافة قمة 2012، وستعد رابع قمة يستضيفها العراق، بعد قمم 1978 و1990 و2012.

وفي آخر استضافة للقمة في بغداد كانت لجنة النزاهة في البرلمان قد فتحت تحقيقا في شبهات فساد تتعلق بنفقات استضافة العراق للقمة العربية في 2012.

وقال رئيس اللجنة آنذاك بهاء الأعرجي إن “المشاريع الخاصة للدوائر والمؤسسات التي كانت طرفا في تقديم الخدمات اللوجستية والتأثيث والبناء للاستعداد لمؤتمر القمة هي ملفات موجودة لدى لجنة النزاهة”.

وذكر الأعرجي، النائب السابق عن التيار الصدري، أنه “لدينا ما يشير إلى الفساد، ولكن نريد استكمال التحقيق لتحويلها إلى هيئة النزاهة ومن ثم للقضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية”.

وأعلن رئيس الوزراء الأسبق حينها نوري المالكي في مؤتمر صحفي بعد انتهاء القمة في بغداد، أن كلفة اجتماعات جامعة الدول العربية السنوية بلغت نحو 500 مليون دولار.

وحول شبهات الفساد في القمة العربية التي عقدت سابقا في بغداد يقول محمد عبد الأمير النائب في البرلمان العراقي لـ”جسور” إن “منذ عام 2012 لم يستلم البرلمان الحسابات الختامية للموازنات المالية”.

ويشير عبد الأمير وهو عضو اللجنة القانونية في البرلمان إلى أن “عمليات الترميم والتاثيث والسيارات التي رصدت للقمة السابقة لا يعلم عنها البرلمان”.

دبلوماسية السوداني

وكان السوداني قد عاد قبل أيام إلى بغداد، بعد اختتام زيارته الرسمية إلى هولندا ومشاركته في مؤتمر ميونخ في ألمانيا للأمن.

وأكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية خالد اليعقوبي أن لقاءات السوداني في ميونخ وصلت إلى 26 لقاء وكانت “مختارة ومكثفة بشكل دقيق وحساس”.

وفي هذا الشأن يقول النائب صباح الشيخ لـ”جسور” ان “بغداد مستعدة لعقد قمة عربية جديدة خصوصًا بعد أن عادت إلى لعب دور مهم بالمنطقة”.

وبين الشيخ ان استضافة بغداد للقمة ستعطي نتائج مهمة للعراق “توسيع الحوار مع الدول العربية و في مجالات الأمن وجلب الاستثمارات والشراكات الاقتصادية مع دول الجامعة العربية”.

وتصطدم أحيانًا مساعي السوداني إلى عقد شراكات سياسية واقتصادية مع دول عربية ودول العالم، ببعض أطراف “الإطار التنسيقي” التي تبدو أنها تعمل بالضد من ذلك، مثل مطالب “عصائب أهل الحق” بـ “معاقبة الأردن”.

ويطالب حسن سالم، النائب عن العصائب بتقديم شكوى في المحكمة الدولية “ضد الأردن وذلك لمشاركتهم بقتل أبناء الشعب العراقي في عكاشات والقائم”.

وكانت الأردن قد نفت في وقت سابق مشاركتها في الضربة الأميركية التي استهدفت الشهر الماضي، مقرات للحشد الشعبي غربي الأنبار.

وقال سالم في إحدى جلسات البرلمان العراقي إن من الضروري “قطع إمدادات النفط عن الأردن”.

ويعتقد بحسب بعض المصادر في “الإطار” بأن سبب عدم لقاء السوداني بالرئيس الأميركي جو بايدن حتى الآن، هو وجود بعض الفصائل والقوى الشيعية داخل الحكومة صادرة ضدها عقوبات أمريكية.

وفي ميونخ كررت كامالا هاريس نائبة بايدن طلب زيارة رئيس الوزراء إلى واشنطن ولقاء الرئيس الأميركي، فيما كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، دعا السوداني سابقًا لكن كلها كانت دعوات دون موعد.

وعن الزيارة المرتقبة يقول مثال الألوسي وهو سياسي عراقي معروف ونائب سابق لـ “جسور” أن “الحكومة تبجحت بأن لديها موعدًا لزيارة واشنطن وبأنه سيرحب بها في البيت الأبيض من قبل الرئيس بايدن وفريقه، لدينا الآن الواقع الحي بأن هذه الزيارة لن تحدث”.

ويضيف: “الحكومة العراقية ليس لها وزن وثقة في الحكومة أو الساحة الأميركية في الكونغرس وفي الإعلام الأميركي، حتى لو قامت أميركا قامت باستضافة السوداني فستكون ثقلاً كبيرًا على الإدارة الأميركية وهي في انتخابات حرجة”.

Exit mobile version