اراء واقلام

ثورة 14 أكتوبر المجيدة شمس الجنوب الساطعة

كتبت / إنتصار زربة

أحتفل ابناء الجنوب بمناسبة الذكرى ال60 لثورة 14 أكتوبر المجيدة ، ورسموا لوحة وطنية بهذه المناسبة العظيمة . مجسدين روح الإخاء والتسامح في رص صفوفهم تحت سقف واحد وراية واحدة . اجتمعوا فرحين بعيد ثورتهم الستين ، والتي تعد ملحمة تاريخية في حياة الشعب الجنوبي . الذي لم يستكن يوما في جوف ليل غاصب ، تسمع وقع أقدام المستعمر وهو يجوس الديار، فيبطش بهذا ويجور على ذاك ويصادر حرية آخرين. فقد ظلت الجنوب ثائرة تناضل لاسترداد حقها في العيش الكريم . وعاشت دولة الجنوب قرن ونيف من الزمن تحت وطأة الظلم والطغيان والفقر والجهل والمرض .

عانى الشعب الجنوبي كثيرا من الاستعمار البغيض ، حيث ادخله في دهاليز مظلمة منذ العام 1938م . عندما خطط المستعمر الانجليزي في احتلاله بحجة وتحت ذريعة أن الصيادين استولى على سفينة (داريا دولت ) التي رست في مياه عدن . فأرسل القبطان هينس للسلطان العبدلي سلطان عدن ولحج بأن يردوا الصيادين الممتلكات التي استولوا عليها . فما كان من السلطان العبدلي التسليم بعد صفقة تضمن بقاءه في الحكم . وهكذا تمت عملية المقايضة والمصالح بين الاطراف الطامعة باستيلاء الإنجليز على عدن وتلتها باقي الأراضي الجنوبية . وظل الاحتلال الإنجليزي جاثما 129 عام اتبع خلالها المستعمر البغيض كل أساليب القمع والتنكيل بأبناء الجنوب . وزاد واستخدم (سياسة فرق تسد ) وهو قيام المستعمر بزرع الفتن بين القبائل الجنوبية حتى يتم لهيهم في صراعات مع بعضهم البعض ، وهي في الأساس مشكلات مفتعلة الهدف منها اطاله احتلال المستعمر للجنوب . فكلما كان أبناء الجنوب عامة والقبائل خاصة متفرقين سيضمن بقاءه في حكمهم .

لقد تنبه الاحرار المناضلين لسياسة الاستعمار ،التي نهبت ثرواته وشكلوا جبهات وطنية سبقت ثورة 14 أكتوبر وسقطوا العديد من الشهداء ، وفي تلك الأثناء وقف عدد من الثوار إلى جانب الأشقاء في الشمال يحاربون معهم ضد الإمامة ، وعلى رأسهم راجح بن غالب لبوزة. وبعد عودتهم إلى الجنوب تكللت اولى بوادر الثورةبالنجاح في 14 أكتوبر عام 1963م والتي اندلعت شرارتها من جبال ردفان الشماء ، وسقط في مقدمة الشهداء راجح بن غالب لبوزة وتلاه آخرون . ودارت معارك شرسة بين المناضلين الاحرار ، الذين لايملكون السلاح والعتاد مقارنة مع سلاح الدولة العظمى التي لاتغيب عنها الشمس .

وتوجت تلك التضحيات الجسيمة بنجاح ثورة 14 أكتوبر المجيدة ، التي بزغت كالشمس بنورها الساطع ،بددت ظلام الليل الدامس ، وغطت بدفئها الوطن ،و سطرت اكبر مشوار في التاريخ النضالي ، ورسم الثوار مبادئ وأهداف ثورتهم الاكتوبرية في القضاء على الاستعمار ، والخلاص من حكم السلاطين ، والحفاظ على وحدة الجنوب ، وإقامة العدالة الاجتماعية ، وقد اتسمت هذه الأهداف بالشمول في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وكانت ثورة عربية بكل المقاييس ، مثل باقي الدول العربية الطواقة للحرية والاستقلال . والتي انتفضت تكافح من أجل أوطانها ضد المحتلين . وبعد كفاح طويل انتصرت الثورة ونال الجنوب استقلاله في 30 نوفمبر عام 1967م . واستطاعت دولة الجنوب تأسيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، التي حققت اهداف ثورة 14 أكتوبر المجيدة ،وارست دولة النظام والقانون وبناء جيش وطني قوي لحماية ثوابت وأهداف الثورة ، التي من اجلها ضحى العديد من المناضلين الاحرار فداء لوطنهم الجنوب ، وتحققت العدالة والمساواة الاجتماعية بين فئات المجتمع ، وبنيت مؤسسات الدولة في كافة المجالات ، ودخلت الجنوب التاريخ من أوسع أبوابه ، بأنها دولة فريدة حققت نجاحات يشار إليها بالبنان . وأصبحت الدولة السباقة في عددمن المجالات دولة البناء والانجازات التاريخية ذاع صيتها أرجاء العالم .

نعم انها دولة الجنوب دولة ذات تاريخ وحضارة وانسان ، ظل عبر الزمن نبراسا في القيم والمبادئ مستندا عقيدته من الدين الإسلامي الحنيف ، عربي الهوية اصيل ذا مواقف اخوية ، ينصر المظلوم ويقف مواقف الشجعان وقت الصعاب والمحن . ويحبط المؤامرات والخطط مهما كانت حدتها ، ورغم معاناته استطاع التغلب ، وهاهو مازال يواجه بكل صمود كل القوى المتربصة بالامن والاستقرار ، وهاهي الانتصارات رغم الحرب بما فيها الاقتصادية إلا أنه انتصر ، تغمد الله شهدائنا الابرار ، وهنيئا للجنوب وكل عام وانتم بخير .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى