اراء واقلام

حضرموت بوابة الجنوب الكبرى*

*بقلم/ أدهم.الغزالي

في قلب حضرموت وعلى ركام التحديات المتراكمة تُكتب اليوم فصول جديدة من معركة الوعي والسيادة حيث يتزاحم الداخل والخارج لمحاولة كسر إرادة الجنوب وتفريغ قضيته من محتواها الوطني التحرري.

لا غرابة أن تتحول حضرموت إلى ساحة صراع مفتوح فهذه الأرض التي ظلت لعقود هدفًا للاستثمار السياسي والاقتصادي أصبحت اليوم عقدة التوازن الإقليمي ومفتاح استقرار الجنوب.

ما تشهده حضرموت يعتبر امتداد طبيعي لحالة الصراع بين مشروعين: مشروع يعيد إنتاج التبعية والارتهان وآخر يسعى لبناء دولة جنوبية كاملة السيادة تستمد شرعيتها من تضحيات شعبها ومشروعية نضالها الطويل.

إن القوى التي تتكالب اليوم على حضرموت بمزيج من أدوات المال والإعلام والسياسة لا تتحرك في فراغ بل تجد في تباين الولاءات ومحاولات تمزيق النسيج الاجتماعي مدخلاً لتقويض تطلعات الشعب الجنوبي.

إنها ذات القوى التي فشلت في إسقاط عدن بالسلاح تحاول اليوم الالتفاف على حضرموت بالمكر وتزييف الوعي.

ومع ذلك فإن ما نلمسه من وعي شعبي في حضرموت وإدراك عميق لطبيعة المؤامرة هو ما يعيد الطمأنينة إلى وجدان كل جنوبي حر فقد أثبت شعب الجنوب وفي القلب منه الحضارم أنه ليس مجرد تابع لأي مشروع خارجي انما صاحب مشروع وطني متكامل قائم على استعادة الهوية وتحقيق العدالة والتعايش.

إن المجلس الانتقالي الجنوبي بما يمثله من حاضنة سياسية وشعبية يدرك تعقيدات المشهد ويتعامل مع الأحداث بواقعية ثورية تُوازن بين الانفتاح السياسي على الحلول المشروعة والتمسك الصلب بالثوابت الوطنية وفي مقدمتها استعادة الدولة الجنوبية بحدودها المعروفة ما قبل 1990م.

نحن اليوم أمام لحظة فاصلة، لحظة تتطلب من الجميع الاصطفاف خلف المشروع الوطني الجنوبي وتجاوز الحسابات الضيقة والتصدي لكل محاولات تمزيق النسيج الوطني فالتنوع الثقافي والاجتماعي الذي يميز حضرموت هو مصدر قوة، لا ضعف وهو أحد ركائز الدولة الجنوبية المنشودة دولة الشراكة والعدالة والحكم الرشيد.

وفي خضم هذا الزحام من المؤامرات والتدخلات يبقى شعب الجنوب هو الرقم الصعب والكتلة الصلبة التي لا تنكسر فكما أسقط مشاريع التبعية بالأمس سيفشل اليوم كل محاولات الالتفاف على قضيته وسيُعيد غدًا كتابة تاريخه بيده على تراب أرضه وتحت رايته.

لن يُساوَم على هويته ولن يقبل بديلاً عن دولته الحرة المستقلة فالجنوب لا يُقاد بل ينهض ولا يُستدرج بل يصنع مصيره بإرادة شعبه وعدالة قضيته.

التحديات كثيرة لكن إرادة الشعوب لا تُهزم ومهما حاولت بعض القوى أن تزرع التفرقة أو تحرف البوصلة فإن شعبنا اليوم أكثر وعياً وإدراكاً من أي وقتٍ مضى فلنراهن على صمود حضرموت وأهلها ولنُدرك أن نصرنا السياسي الحقيقي يبدأ من وحدة الصف وتعزيز الثقة بالمشروع الوطني الجنوبي الجامع.

حضرموت ليست سلعة تُباع ولا ورقة تُتداول على طاولات المساومات انما هي ركيزة أصيلة من ركائز الجنوب ومفتاح استقراره ونهضته القادمة.

لن نساوم على هويتنا ولن نفرّط في سيادتنا.

وإن غداً لناظره قريب.
والله المستعان..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى