أكرم القصاص يكتب: مصر وغزة وجرائم الاحتلال.. الإبادة والسلام الغائم ومناورات التهجير

الإثنين، 07 يوليو 2055م
فى الوقت الذى تتواصل جهود مصر وقطر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، يبدو الموقف من جانب الاحتلال غامضا، بالرغم من أنباء بثتها هيئة البث الإسرائيلية، ذكرت أن فريق التفاوض الإسرائيلى يتوجه إلى الدوحة لبحث صفقة جديدة فى غزة، وهو ما أكده مصدر فلسطينى قال: إن قطر تستضيف جولة جديدة من المفاوضات لوقف إطلاق النار.
يدور الحديث حول هدنة قد تمتد لشهرين وقد تمثل تمهيدا لوقف الحرب، التى أتت على غزة وحولتها إلى مكان غير قابل للحياة، حيث أعلن الدكتور أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن الدمار طال أكثر من 90% من قطاع غزة مع استمرار النزوح القسرى، وانهيار الخدمات الأساسة، مثل الصحة والمياه، وسط مجاعة ومرض يهددان السكان، واعتبر الهدنة المرتقبة لمدة 60 يومًا «قصيرة»، لكنها قد تمثل تمهيدًا لوقف دائم لإطلاق النار، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والضغوط الدولية على الاحتلال الإسرائيلى.
الواقع، أن الكرة فى الملعب الأمريكى، حيث يمكن للرئيس دونالد ترامب إنهاء الحرب بالضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذى يزور واشنطن، خاصة أن رد حركة حماس على المقترح الأمريكى بشأن الهدنة فى غزة يضع الكرة الآن فى ملعب الولايات المتحدة، وقدرة واشنطن، والرئيس ترامب الذى وصف الحرب بأنها «كارثة» على غزة، بما يعكس وجود مؤشرات إيجابية، لكن الأمر فى الواقع لا يخلو من تناقضات وإشارات متعارضة، بين إبداء التعاطف مع الضحايا، وعدم الضغط على تل أبيب لإنهاء الحرب، وهى إمكانية تتوفر للولايات التى تمتلك أوراق ضغط عديدة، لكنها لم تستخدمها بعد بشكل حاسم لإيقاف العدوان.
وبشكل عام، فإن الأجواء مهيأة لإنهاء الحرب، خاصة مع زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، التى قد تكون ضمن تبادل صفقات يحصل نتنياهو بموجبها على مكاسب مقابل الاستجابة لترامب، مع الأخذ فى الاعتبار أن تجارب الفترات السابقة تشير إلى أن نتنياهو كثيرا ما قد لجأ لفتح جبهات وإطالة الحرب، قفزا للأمام فى مواجهة غضب أهالى المحتجزين أو المعارضين للحرب، خاصة وقد أبدت حركة حماس مرونة كبيرة خلال الفترة الماضية، وقبلت بشروط كانت ترفضها فى بداية الحرب، فى ظل الوضع الكارثى فى غزة واستهداف المدنيين ومنع دخول المساعدات، ولدى الحركة استعداد لتنفيذ الاتفاق فى أقرب وقت، ربما وصولا لصفقة كاملة لتبادل الأسرى والمحتجزين.
وقد لعبت مصر ولا تزال دورا محوريا، وتبذل جهودًا كبيرة ومتواصلة منذ بداية الأزمة، انحيازا للقضية الفلسطينية، بجانب امتلاكها خبرة واسعة فى التعامل مع كل الأطراف، وهى الطرف الأكثر قدرة على إنهاء الحرب بفضل علاقاتها مع مختلف الأطراف وخيوط التواصل التى تملكها، وقد نجحت مصر فى كل المواجهات السابقة، بجانب وقوفها بشكل حاسم ضد مخططات التهجير القسرى أو الطوعى، التى لم تتوقف خلال هذه الجولة بل إنها أصبحت مطروحة علنا وبأشكال مختلفة، سواء جعل غزة مكانا غير قابل للحياة بحرب إبادة، وأيضا الضغط على سكان غزة، وفى الجانب الآخر إنشاء وكالة التهجير الطوعى التى تقدم إغراءات للسكان والأسر لتهجيرهم وتوطينهم فى أوروبا وكندا وغيرهما من دول العالم، وهو ما كشف تحقيق أجرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية عن الاستعانة بشركة أمريكية لتهجير الفلسطينيين من غزة، وأنها وقعت عقدا بملايين الدولارات تحت غطاء مؤسسة إنسانية لمساعدة غزة، بينما هى تعمل لتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من القطاع، وهو ما يكشف عن استمرار مخططات التهجير بطرق وأشكال مختلفة، بما يعد جريمة حرب وتصفية عرقية، حسبما أعلن رئيس المجلس الوطنى الفلسطينى روحى فتوح، الذى اعتبر أن ما يتعرض له الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية من تهجير قسرى، خاصة فى مناطق الأغوار، ليس معزولا عما يجرى فى قطاع غزة من إبادة جماعية ودمار شامل تنفذه حكومة الاحتلال بهدف اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، فى سياق خطة استعمارية واحدة تعتمد القتل والتجويع والحصار كوسائل تطهير عرقى.
إن التحذيرات المصرية المبكرة من التهجير القسرى كانت ولا تزال تمثل خطوطا للمواجهة مع جريمة تتعارض مع كل الأعراف والقوانين الدولية، وتواصل عملها بجهد متعدد وفى اتجاهات مختلفة، لإنهاء مخطط أحياه الاحتلال بعد 7 أكتوبر.