عربي ودولي

قانون إخراج القوات الأميركية يخيف السنة والكرد.. وواشنطن تفاوض في بغداد

في الوقت الذي عادت فيه الولايات المتحدة الأميركية إلى طاولة المفاوضات مع العراق بشأن مناقشة مصير قوات التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، تحاول أطراف شيعية إحراج الحكومة العراقية وتمرير قانون ملزم في البرلمان لـ “طرد القوات الأمريكية”، بحسب وصفها.

وحتى الآن هناك تناقض بين التصريحات العراقية الرسمية وبين وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في توصيف هذه الحوارات التي بدأت منذ الشهر الماضي، فيما يشير سياسي عراقي إلى أن الانسحاب بعيد المنال بسبب ظروف الانتخابات الأميركية.

وتبدو الساحة العراقية الشيعية منقسمة بشأن المفاوضات مع القوات الأميركية بين الحكومة وصقور الإطار التنسيقي، فيما الكرد يرفضون هذا الانسحاب بسبب مخاوف من سيطرة الفصائل والتهميش من السلطة، والسنة يلتزمون الصمت حتى الآن.

وكان الفريقين (نواب الكرد والسنة) إضافة إلى نحو نصف نواب الشيعة، قاطعوا جلسة السبت الماضي التي كانت مخصصة لتشريع قانون لإخراج القوات الأمريكية، وهي نفس الجهات (باستثناء النواب الشيعة) رفضوا قبل 4 سنوات حضور جلسة للبرلمان أصدر حينها قرار بتفويض الحكومة إخراج القوات الأجنبية، فما الذي يتخلف الآن في المشروع الشيعي الجديد الذي يحضر له في مجلس النواب؟

وائل الركابي المحلل السياسي القريب من حزب الدعوة (أحد أهم أطراف الإطار التنسيقي)، يقول لـ “جسور” إن “ما حدث في جلسة 5 كانون الثاني 2020، هو قرار من البرلمان، والقرار يختلف عن القانون، القرار غير ملزم بالنسبة للحكومة، وان كانت الحكومة هي التي تتولى هذا الجانب التنفيذي في استدعاء إي قوات أو إخراج أي قوات وفق اتفاقيات مبرمة ما بين الحكومتين”.

وأقر حينها مجلس النواب العراقي في جلسة استثنائية بحضور رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي قرارا يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء تواجد قوات التحالف الدولي وكذلك أي قوات أجنبية في الأراضي العراقية، وذلك على خلفية مقتل أبومهدي المهندس (نائب رئيس الحشد الشعبي) والجنرال الإيراني قاسم سليماني في غارة أمريكية ببغداد مطلع 2020.

ويضيف الركابي وهو عضو المرصد الوطني للإعلام: “الآن يسعى بعض النواب إلى إصدار قانون، حينها إذا تم إصدار قانون سيكون ضمن مواد وبنود تلزم الحكومة أن تلتزم بالقانون لأنه سيكون قانون تشريعي رسمي يمنع كل التواجد الأجنبي على الأراضي على العراقية، بمعنى التواجد المسلح أو التواجد العسكري”.

وفي 2020 صوت مجلس النواب بمقاطعة السُنة والكرد، وبحضور 170 نائبا فقط على قرار نيابي من 5 إجراءات منها إلزام الحكومة العراقية بإلغاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”. والعمل على إنهاء تواجد أي قوات أجنبية في الأراضي ومنعها من استخدام الأجواء العراقية لأي سبب كان.

ويعتبر الركابي أن تشريع قانون جديد “سيتطلب الانتظار بعض الوقت لحين إجراء صياغة القانون في اللجان المتخصصة وتقديمه إلى قراءة أولى ثم ثانية وثالثة، كما يحتاج إلى توافق بالتأكيد لان العملية ستخضع للتصويت داخل البرلمان مايعنييحتاج التوافق”.

وكان محسن المندلاوي رئيس البرلمان بالوكالة، أعلن السبت الماضي، إحالة طلب موقع من أكثر من 100 نائب إلى لجنتي (القانونية والأمن والدفاع) يخص مقترح قانون لإخراج القوات الأجنبية من العراق. بحسب بيان من الدائرة الإعلامية في مجلس النواب.

ويقول حسن سالم القيادي في عصائب أهل الحق (قيس الخزعلي) أن القانون الذي يعمل البرلمان على إقراره سيخرج “كل جندي أميركي وأجنبي مهما كانت صفته سواء كان عسكريا أم متدربا أو مستشارا أو غيرها”.

واعتبر سالم وهو نائب في البرلمان، أن موضوع المستشارين والمتدربين الأميركيين والأجانب الموجودين في القواعد العسكرية “عبارة عن كذبة وأن القوات الموجودة عسكرية وسيتم إخراجها من الأراضي العراقية”.

وكان سالم وعدد من رفاقه في مجلس النواب، الذين يوصفون بـ “فريق الصقور” داخل التحالف الشيعي هددوا في وقت سابق، بكسر نصاب أي جلسة مقبلة تناقش قضايا تخص السُنة والكرد على خلفية غياب نواب تلك الكتل عن جلسة السبت الماضي.

وتقول نهال الشمري، وهي نائبة سنية، إن الاتهامات التي وجهت لنواب المكون السني وكذلك الكردي “غير صحيحة وباطلة، فحتى نواب الإطار التنسيقي لم يحضروا جميعهم، فهم يملكون (180) نائبا، في حين حضر أقل من (60) نائبا، وباقي الحضور كان من القوى الناشئة والمستقلة”.

وفي نفس الشأن يقول سيروان دوبرداني، نائب كردي، إن أغلبية السنة والكرد “متخوفين من إخراج القوات الأميركية بسبب عدم وجود توازن حقيقي في مؤسسات الدولة وفي المناصب الأمنية، كما نخشى من استمرار سيطرة الفصائل على بعض المدن”.

هل تنسحب القوات الأميركية؟

لا تخطط وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) للانسحاب من العراق، كما تقول قنوات عربية وعن تصريحات سابقة للوزارة الأميركية، وهو خلاف ما تقوله الحكومة العراقية، فما هي الحقيقة؟

مثال الألوسي السياسي العراقي والنائب السابق يقول لـ “جسور” إن “التواجد الأميركي في العراق لا يمثل أي ثقل استراتيجي عسكري في الحسابات الأميركية، فأميركا موجودة في الخليج وفي البحر الأحمر والبحر الأبيض، وبحر العرب وكازاخستان وتركيا، بالتالي لا قيمة عسكرية فعلية خاصة للتواجد العسكري الأمريكي في العراق “.

وأضاف:” حتى إيران تدرك أن التواجد الأمريكي في العراق لا يمثل رأس الحربة الأميركية تجاه إيران بقدر ما يمثل الأساطيل الأميركية والصواريخ وغيرها والقواعد في كازاخستان وغيرها هي التي تمثل رأس الحربة تجاه إيران، لكن التواجد الأميركي في العراق يعني حقيقة الحفاظ على العملية السياسية التي تمت بإخراج وإيقاع أميركي بريطاني “.

ويرى الألوسي أن:” ما يجري من تفاوض حاليًا بين بغداد وواشنطن هو أيضا ضمن الإيقاع الأميركي وفهم أميركا للخطوات المستقبلية في العراق والمنطقة. الجانب الأميركي يدرك في أن المفاوض العراقي أو المقابل العراقي الضباط الذين أخذوا الأوسمة الكبيرة والمناصب الكبيرة هم من كان يصلي ساجدًا راكعًا خلف قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، لذلك هذه المفاوضات ليست مفاوضات انسحاب.”

وعن الردود الأميركية القادمة رغم الهدوء العسكري على الساحتين السورية والعراقية منذ نحو 10 أيام لم يعلن عن هجمات واضحة من” المقاومة “ضد قوات التحالف، يقول الألوسي:” من السذاجة أن نتخيل أن الضربات الأميركية الأخيرة هي فقط انتقاما لمقتل 3 جنود ضحايا الجيش الأميركي في قاعدة الأردن (الشهر الماضي)، ومن الواجب أن نتخيل أن رد الفعل الفعلي الأميركي واغتيال قيادة مليشيات في سوريا والعراق، أنه رسالة إلى إيران بأن العبث الإيراني تجاه أميركا له حدود والجواب الأميركي حاضر.”

ويتابع:” رئاسة بايدن في انتخابات حرجة، حرجة للغاية، ويهاجم بايدن شخصيا وعليه أن يعطي الدليل تلو الدليل بأنه ليس ضعيفا، وأفضل مكان لأميركا وبايدن أن يستعرضوا فيه عضلاتهم هو باستهداف هذه المليشيات وسيقوم باستهدافات جديدة في الأيام القادمة “.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى