المدير عماد غانم: الجبل الشامخ الذي هزم التخويف وجعل منه عزائم لا تنهزم أبدًا.

بقلم: د أمين العلياني
في زمنٍ اختلطت فيه المفاهيم، وتاهت فيه القيم بين خيوط المصالح الضيقة والولاءات الزائفة، يبرز رجالٌ يُكتب الزمن تاريخهم بأحرف من نور، رجالٌ رفضوا الانكسار، وصنعوا من المعاناة منارةً للأجيال حتى اصبحت نصالاتهم دروسًا يجب أن تعلم في التربية الوطنية ليستفيد منها الأجيال.
أحد هؤلاء الصناديد هو المناضل الأستاذ عماد غانم مدير عام كرش القبيطة، الرجل الذي حوَّل مطاردته إلى تاريخ حافل بالمواقف ومراحل مجسدة بالكفاح، وليس هذا فحسب بل جعل من خلال مسيرته النضالية الحافلة بالعطاء والفداء أما شهادة وأما انتصار في سبيل وطن آمن به، وجعل منه رسالةً يجب أن يجسدها أبناؤه ورفاق دربه.
– عماد غانم من مطارد إلى بطل غير منتقم:
لأكثر من عقدين من الزمن، ظل الأستاذ عماد غانم مدير مديرية كرش والقبيطة هدفًا لقوى الظلام: من آلة العفاش الدموية التي لا تعرف إلا لغة القتل، إلى تنظيم الإخوان الإرهابي التي تختزل الوطن في مشاريعهم التدميرية. حتى وصل بهم الأمر إلى أن وضعوا لمن يقبض أو يقتل عماد غانم سعرًا وصل إلى مئات الملايين، لمن يقبض عليه أو يدلي بمعلومات تؤدي إليه، غير أن عزيمة أبا أياد كانت أقوى من كل إغراء، وأعظم من كل خيانة.
ففي الوقت الذي كان البعض يبيعون ضمائرهم بقطعة ارض أو منصب زائل، كان الأستاذ عماد غانم يرفع راية الجنوب عاليًّا، غير آبهٍ بالتهديد، غير مبالٍ بالتشويه. لقد عرف أبناء منطقته أنه رجل المبادئ الثابتة والمواقف الصلبة، فلم يجرؤ أحدٌ على خيانته، لأنهم يعلمون أن دمه سيكون لعنةً على كل من يقترب من شرفه ونضاله ووطنيته وعراقة أسرته التي لا تقبل إلا أن تبيد من يحاول المساس به.
الأستاذ عماد غانم جنوبي الهوية.. ثوري المبدأ:
لم يكن نضال الاستاذ عماد غانم مجرد رفضٍ للاحتلال اليمني فحسب، بل كان دفاعًا عن كرامة شعب الجنوب، ورفضًا لكل محاولات تمزيق نسيجه الاجتماعي وطمس هويته ونهب ثروته. ومن هنا فقد كان من الفدائيون الذين أدركوا مبكرًا أن العدو لا يريد للجنوب إلا أن يكون ساحةً للفوضى، فجعل من هويته صخرةً صلدةً لا تقبل التفتيت.
وفي زمنٍ كان الجنوب يُساق إلى التبعية، كان الأستاذ غانم وأمثاله يزرعون بذور الرفض والتمرد، مما أثار جنون المحتل وأذنابه. ولهذا كان الأعداء يرون في رجالٍ مثله وأصحابه خطرًا على عروشهم الواهية، لأنهم يعرفون أن الأفكار لا تُقتل، وأن الشموخ لا يُشرَّد.
الأستاذ عماد من المطاردة إلى صناعة النصر:
اليوم، وبعد سنواتٍ من الكفاح المرير، تثمر تضحيات الأستاذ عماد غانم. فها هي إحدى ثمار نضالاته تجعله في قمة الهرم الإداري لمديريته، وما هذا الا دليلاً على أن المبادئ لا تموت، وأن النضال الصلب الذي يصب في سبيل الأرض لا تذهب سدى.
لقد كان الأعداء يصفونه بالخارج عن القانون، لكنه اليوم يقول لهم بكل فخر: “الجنوب للجميع، لكل أبنائه المخلصين ومن يريد أن يتوب من عمالة الارتزاق. إنه الفارق بين بناة الأوطان الحقيقيين، وبين أولئك الذين باعوا ضمائرهم في مزاد الميكروفونات والمناصب الزائلة الذي كانوا يتسابقون على فتات الانتخابات .
الخلاصة: الأستاذ عماد غانم درسٌ في الصمود وتاريخ في الشموخ :
فالأستاذ عماد غانم لم يكن مجرد اسمٍ يتردد في سجلات المطاردين، بل كان مدرسةً في الثبات، ودرساً في أن الكرامة أغلى من الحياة ذاتها ومع هذا المبدأ عاش مع الناس، وتقاسم معه الألم، فعرفوا أنه واحد منهم، لا يساوم ولا ينكص ولا يبيع ولا يخون.
زفي زمنٍ يصنع فيه الرجال بالدم، يكون الأستاذ عماد غانم أحد أولئك الذين سطّروا تاريخًا بنصالهم المشرق ليظلوا شعلةً تنير درب الأجيال القادمة.
فتحيةً لك أبا أياد حيًا وميتًا ، ولأمثالك، الذين يذكروننا أن الوطن لا يُباع، وأن الشرف لا يُساوم.