ملعب الروضة (معاوية).. تاريخ مجيد ومأساة الإهمال

دار العرائس / ملاعب
الثلاثاء 19 شعبان 1446ه
الموافق 18 فبراير 2025م
في صفحات تاريخ السلطنة العبدلية، كان هناك ميدان يُعرف باسم ميدان الروضة، نسبةً إلى قصر الروضة، مقر السلطان علي عبدالكريم، والذي أصبح لاحقًا كلية الزراعة. هذا الميدان كان القلب النابض للأنشطة الرسمية والشعبية للسلطنة العبدلية، ومسرحًا لمباريات كرة القدم التي جمعت الفرق اللحجية، ومنه انطلق منتخب السلطنة اللحجية لكرة القدم، الذي مثّل لحج في دورة الألعاب العربية التي أُقيمت في مصر خلال ستينيات القرن الماضي.
كما شهد هذا الملعب مباريات تاريخية استضافت فرقًا مصرية عريقة مثل الترسانة والإسماعيلي، اللذين لعبا أمام منتخب السلطنة اللحجية بوجود نجوم كبار مثل رضا وشحته. وكان هذا الملعب موطنًا لأفضل لاعبي لحج عبر الأجيال، مثل بيليه لحج، الحسيني، الكبيد، الجرمل، باشاذي، شوكره، الشلن، كمبل، القريشي، صالح حيدرة، مكرد، وأبناء هيكل، وغيرهم من النجوم الذين تركوا بصمتهم في تاريخ الكرة اللحجية.
بعد استقلال الجنوب وجلاء الاستعمار البريطاني، تغيّر اسم الملعب إلى ملعب معاوية، تخليدًا لأحد شهداء الثورة. وعلى أرضه الترابية، تنافست أندية لحج مثل الشرارة، الطليعة، والصمود، بالإضافة إلى فرق عدن الكبرى التلال، الوحدة، شمسان، الشعلة، الميناء، الجيش، الشرطة، وكذلك فرق حضرموت مثل حسان، أهلي الغيل، المكلا، التضامن، وشعب حضرموت. كما شهد الملعب زيارات لفرق دولية من الاتحاد السوفيتي، إثيوبيا، وكوبا، مما جعله أحد أهم الملاعب في جنوب اليمن.
مع استضافة اليمن لبطولة خليجي 20، نال الملعب اهتمامًا حيث تم إعادة تأهيله وزُرع بالعشب الطبيعي، ليصبح ملعبًا بمواصفات دولية مع مدرجات وإنارة ومرافق حديثة. إلا أن هذا المجد لم يدم طويلًا، إذ عاد الملعب إلى حالته الأولى صحراء جرداء، بعد أن فقد عشبه الطبيعي بسبب الإهمال، وتفاقمت معاناته مع حرب 2015، مما أدى إلى توقف الأنشطة الرياضية فيه، وحرمان شباب لحج من متنفسهم الرياضي.
ورغم بروز محاولات لإعادة تأهيل الملعب وزراعته بالعشب الصناعي، إلا أن المشروع لم يكتمل، وظل الملعب في طي النسيان، رغم قيادة نايف البكري وزير الشباب والرياضة، واللواء أحمد عبدالله التركي محافظ لحج، لهذا الملف. واليوم، يبقى الأمل معلقًا في أن تُستكمل أعمال التأهيل، ليعود ملعب معاوية إلى سابق عهده، أسوةً بالملاعب الأخرى في الوطن.
المناشدة مستمرة.. إلى البكري والتركي، ارحموا تاريخ هذا الملعب العريق، فهو إرث رياضي يمتد من أيام السلطنة العبدلية وحتى اليوم.
المهندس/ عوض حويدر
رئيس المجلس الرياضي – تبن، لحج