عربي ودولي

كأس آسيا.. هل تطوّرت الكُرَة العربيّة على الصعيد الآسيويّ؟

يعتبر الكثيرين أنّ مشاركة المنتخبات العربيّة في كأس آسيا الحالية بقطر، من أبرز المشاركات بتاريخ كُرة القدم العربيّة، سواءً من حيث النتائج أو “النديّة” مع منتخبات آسيويّة معروفة بقوّتها الكرويّة منذُ سنوات طويلة.

كيف كانت مشاركة العرب بآسيا في الدور الأول؟ ماذا عن المواجهات الثنائيّة العربيّة في الدور الثاني؟ وماقصّة “لعنة” ركلات الجزاء الترجيحيّة الّتي نالَت من عدّة منتخبات عربيّة بالأدوار الإقصائيّة؟ هل شهدت الكرة العربية تطوراً ملحوظاً في البطولة الآسيوية مقارنةً مع منتخبات كرويّة آسيويّة عريقة؟

حضور عربيّ لافِت في الدور الأوّل

شاركت عشرة منتخبات عربيّة في بطولة آسيا 2024 بقطر من أصل 24 منتخباً آسيوياً، وتأهلّت ثمانِ منتخبات للدور الثاني (قطر، سوريا، الإمارات، فلسطين، العراق، البحرين، الأردن، السعوديّة) فيما لم تنجح منتخبَات عُمَان ولبنان من العبور للأدوار الإقصائيّة.

وساهمَ النظام الجديد لبطولة آسيا بتأهّل أغلب المنتخبات العربيّة للدور الثاني، حيثُ وفقاً للقانون يتأهّل الأول والثاني من كل مجموعة، كذلك أفضل أربعة منتخبات تحتّل المركز الثالث.

المنتخب القطري “مُستضيف البطولة وبطل آخر نسخة عام 2019” استطاعَ تجاوز دور المجموعات بالنقاط التسع الكاملة، فيما لم ينجح منتخب لبنان بذلك بعدَ خسارته من قطر وتعادله مع الصين وخسارته مع منتخب طاجكستان.

وشهدت المجموعتين الثانية والثالثة تأهّل منتخبيّ سوريا وفلسطين للدور الثاني لأوّل مرة بتاريخهم، حيثُ حلّت سوريا بالمركز الثالث “بأربع نقاط” بعدَ تعادلها مع أوزبكستان وخسارتها بهدف وحيد من أستراليا، وفوزها على الهند بهدف. كذلك كأفضل ثالث “بأربع نقاط كذلك” تجاوزت فلسطين دوري المجموعات بعد خسارتها من إيران ثمّ تعادلها مع الإمارات وفوزها على هونغ كونغ. واستطاعت الإمارات احتلال المركز الثاني بنفس عدد نقاط فلسطين ولكن بأفضليّة عدد الأهداف لصالحها.

وفي بقيّة المجموعات سجّل المنتخب العراقي انطلاقة قويّة وحصلَ على صدارة مجموعته بالنقاط الكاملة بعد فوزهِ التاريخيّ على اليابان المرشّح للبطولة، و على إندونيسيا وفيتنام. المنتخب البحرينيّ كذلك تصدّر مجموعته القويّة، حيثُ فازَ على ماليزيا والأردن وخسرَ مع كوريا الجنوبيّة المرشحّة، ونجحَ المنتخب الأردنيّ بتسجيل حضور قويّ في البطولة بعدَ تعادلهِ مع كوريا بمباراة تاريخيّة، كذلك بفوزهِ على ماليزيا وخسارته مع البحرين.

وفي المجموعة الأخيرة حصلَ المنتخب السعوديّ على صدارتها بعدَ فوزهِ بصعوبة على عُمان، وفوزهِ على قيرغيزستان وتعادلهِ مع منتخب تايلند. الأخير حلّ بالمركز الثاني وقدّم بطولة تاريخيّة للكرة التايلنديّة، حيثُ لم يتلقى أي هدف في ثلاث مباريات وفازَ على قيرغيزستان وتعادل مع عُمان التي لم تتأهّل كأفضل ثالث بسبب حصولها على نقطتين من تعادلين.

ووفقَ مصادِر إعلاميّة نجحت بطولة آسيا المُقامة حالياً بقطر ، بتسجيل رقم قياسيّ كأكثر نسخة انتشاراً لكأس آسيا ، حيثُ عُرضت المباريات الّتي أقيمت في أكثر من 160 دولة وإقليم، كذلك شهدت البطولة عرض مباريات دور المجموعات للمرة الأولى في أسواق من خارج القارّة الآسيويّة، مثل الولايات المتحدة الأميركيّة وأوروبا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا.

مواجهات “عربيّة-عربيّة” في الدور الثاني..

لم يستطع سوَى منتخبين عربييّن من تجاوز دور ال16 من أصل ثمانيَة، وذلك بسبب المواجهات المباشرة بين أربع منتخبات عربيّة من جهة، وخروج ثلاثَة منها بسبب ركلات الجزاء الترجيحيّة من جهةِ أُخرَى.

وكانَت مباراة العراق والأردن من أقوى المباريات في الدور الثّاني وأكثرها إثارةً للجدل، حيثُ تقدّم المنتخب الأردني بهدف ليعادله المنتخب العراقيّ ثمّ يتقّدم عليه عن طريق المهاجم أيمن حسين هدّاف الفريق والبطولة حتّى الآن بستة أهداف، لكِن وبعدَ احتفالِه بالهدف نالَ البطاقة الصفراء الثانية وحصلَ على الطرد بسبب” إستفزاز الجمهور المنافس” وفقاً لحكم المباراة، ذلكَ ما أعطى المجال للمنتخب الأردني أن يسطير على مجريات المباراة واستطاعَ قلب النتيجة بتسجيله هدف التعادل ثمّ الفوز “خلال دقيقتين” بالوقت بدل الضائع.

طرد أيمن الحسين أثارَ موجة من الإنتقادات في الشارع الرياضيّ والإعلاميّ العراقيّ، حيثُ قالت مصادر أنّ الحسين لم يستحق الطرد من الحكم الإيرانيّ بسبب احتفالهِ الّذي ردّ بهِ على منافسه الأردني حيثُ احتفل لاعبوه بنفس الطريقة” احتفال بأكل المنسَف، وهو أكلة شعبيّة عربية معروفة”. لكن ورغمَ ذلك الجدل الّذي أُثير قدّم المنتخب الأردنيّ مباراةً قويّة مع العراق بقيادة مدربّه المغربي حسين عموتة، وبشكل عام تشير العديد من المصادر الإعلاميّة على تطوّر الكرة الأردنيّة في السنوات الأخيرة وتوّج ذلك المشاركة الحالية بكأس آسيا حيثُ وصل للدور ربع النهائي لأوّل مرة بتاريخه

وفي المواجهة العربيّة-العربيّة الثانية، استطاع المنتخب القطري الفوز على فلسطين بهدفين لهدف، بعدَ أن تقدّمت الأخيرة بهدف في الشوط الأول وقدّم المنتخب الفلسطينيّ بطولة تاريخيّة “في ثالث مشاركة له” وكان نداً للمنتخبات مع المدرّب التونسي مكرم دبوب الّذي شكّل فريقاً متجانساً وقوياً من اللاعبين الفلسطينيّن.

وفي مباراة أُخرَى خرجَ المنتخب البحرينيّ من الدور الثاني بعد خسارته من اليابان بثلاثة أهداف لهدف في الوقت الأصليّ، في مباراة سيطرَ فيها لاعبوا المنتخب اليابانيّ على مجريات المباراة.

لعنة ركلات الجزاء على الكرة العربيّة!

حلّت لعنة “ركلات الجزاء” على المنتخبات العربيّة في الدور الثاني من البطولة، حيث خسرَ المنتخب الإماراتي مع طاجسكتان بعد تعادله بهدف لمثله، وخسر بضربات الجزاء “5-3 لصالح طاجكستان”.

واستحقّ الأخير الوصول لدور الثمانيَة بعدَ بطولة مميّزة قدمّها، وفي أوّل بطولة لطاجسكتان استطاع فريقها التأهّل للدور الثاني ثمّ الربع النهائي، كما أشادت الأوساط الإعلاميّة للبطولة بأداء المنتخب الطاجيكي المتطوّر، بالمقابِل لَم يسلَم المنتخب الإماراتيّ من انتقاد جمهورهِ للمستوى المُتراجع للفريق في السنوات الأخيرة وخصوصاً بطولة آسيا الحالية.

وفي أقوى مواجهات دور الـ 16 خسِر المنتخب السعوديّ من كوريا الجنوبيّة أيضاً بضربات الجزاء، حيثُ شهدت المواجهة “الناريّة” بين المنتخبين تعادلاً بهدف لمثله في الوقت الإضافيّ والأصليّ، ثمّ فوز الكوريّ بالركلات الترجيحيّة “4-2″.

وعبرَ الإعلام السعودي ووسائل التواصل الاجتماعي أشارَ العديد من المحلّلين الكرويّين السعوديين والجماهير السعوديّة، إلى أنّ المدرّب الإيطالي المعروف” روبرتو مانشيني” هو سبب الخسارة من كوريا، وذلك بسبب تراجع الفريق نحوَ الدفاع من دون أي هجمة بعد التقدّم ببداية الشوط الثاني بهدف، إضافةً إلى خروج الأخير من ملعب المباراة وذلك قبل تنفيذ الركلة الأخيرة من ضربات الجزاء، ما اعتبرهُ الكثيرون تقليلاً من المنتخب السعودي.

لكن بالمقابل كان منتخب كوريا بقيادة المدرب الألماني “يورغن كلينسمان”، نداً قوياً للسعودية في مجريات المباراة، خصوصاً في الشوط الثاني حيثُ هاجم عدّة مرّات المرمى السعوديّ الذّي تصدّى حارسه أحمد الكسار لعدّة كُرات خطيرة ومنع الكوريّين من التسجيل في أكثر من مناسبة.

وفي آخر مواجهات الدور الثاني كانت مباراة سوريا مع إيران من مباريات الدور الثاني المُنتظرة، وفي حين أشارت معظم الترشيحات عن أفضليّة المنتخب الإيرانيّ على نظيره السوريّ ، لكِن قدّم الأخير مباراةً تاريخيّة وقويّة بقيادة مدرّبه الأرجنتينيّ المخضرم “هيكتور كوبر”، حيثُ استطاع المنتخب السوري تعديل النتيجة في الشوط الثاني”عبر ركلة جزاء سجلها عمر خريبين “أفضل لاعب في آسيا سابقاً” وذلك بعد تخلّفه بهدف في الشوط الأول إثر ركلة جزاء سجلتها إيران كذلك عبر لاعبها مهدي طارمي، وشهدت المباراة تألّق حارس سوريا أحمد مدنيّة الّذي منعَ الكرة من الدخول في المرمى السوريّ عبر تصديّه لكُرات خطيرة عديدة من مهاجمي إيران.

ورغمَ طرد الأخير في الدقيقة 90 من المباراة “بعدَ تلقيه الإنذار الثاني إثر تدخّل على المهاجم السوريّ علاء الدالي”، لم يستغلّ المنتخب السوريّ نقص لاعبي الفريق الإيرانيّ طوال الشوطين الإضافيين وانتهت المباراة بالتعادل لتفوز إيران بركلات الجزاء “5-4″.

ورغم أنّ كوبر قدّم منتخباً سورياً كروياً بنُسخة جديدة نالَت إعجاب معظم المتابعين لكأس آسيا، إلّا أنّه لم يسلم من انتقادات بعض الجمهور السوريّ والإعلاميّين الّذين اعتبروا عدم تسجيل هدف ثاني واستغلال النقص العددي الإيراني لأربعين دقيقة، هوَ دليل عدم نجاح لطريقة لعب المدرب الأرجنتيني الذّي يفضّل تأمين الدفاع واللعب على المرتدات.

لكن من ناحية ثانية استطاع كوبر تشكيل فريق قويّ ودفاع متماسك لم تشهده الكُرة السوريّة بالماضي وذلك على رغمَ من كلّ مشاكلها القديمة المستمرّة، حيثُ وخلال 4 مباريات تلقّى فقط هدفين من أبرز المنتخبات الآسيويّة المرشّحة”أستراليا وإيران”، كما استطاع تسجيل هدفين على الهند وإيران وكان قريباً من الوصول إلى الدور ربع النهائي، مع أنّ الفريق يلعب بعناصر جديدة ولم ياخذوا الوقت الكافي للإنسجام ورغمَ ذلك كان نداً لكبار آسيا، كذلك سيكون رقماً صعباً في تصفيات كأس العالم 2026 وفق عدّة محلّلين كرويّين.

المنتخبات العربيّة سجّلت مشاركة إيجابيّة بالعموم بكأس آسيا الحالية، ورغمَ وصول منتخبين فقط لدور الثمانية، إلّا أنّ معظمهم قدّموا مباريات قويّة ضد منتخبات آسيويّة عريقة فازت بشقّ الأنفس عليها..وقُبلَ البطولة كانت أغلب وسائل الإعلام الرياضيّة تُشير إلى”تواضع” كرة القدم العربيّة أمام منتخبات شرق آسيا المتواجدة بقوّة بالبطولات الآسيويّة والعالمية “مثل كوريا الجنوبيّة وأستراليا وإيران واليابان”، لكن في كأس آسيا الحالية استطاعت المنتخبات العربيّة تغيير وجهة النظر هذه عبر تقديم أداء كروي وتكتيتيّ جارَى كبار آسيا والمفروض والمتوقّع البناء على ذلك في المناسبات الكرويّة القادمة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى