عربي ودولي

وساطات ومليشيات تتراجع.. كيف تتجنب بغداد الغضب الأميركي؟

توقع وزير عراقي سابق أن تستهدف الولايات المتحدة الأميركية ثلاثة فصائل المنضوية تحت لواء “المقاومة الاسلامية في العراق” وذلك ردًا على هجوم الأردن.
واستبقت كتائب حزب الله العراقية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، الرد الأميركي المتوقع، بقرار مفاجئ في تعليق هجماتها ضد قوات التحالف.
بالمقابل تحاول الحكومة والخارجية العراقية “تخفيف” الرد الأميركي عبر وساطات واتصالات مكثفة، فيما يشك مراقبون بجدوى تلك المحاولات.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الثلاثاء، إنه اتخذ القرار بشأن طبيعة الرد على هجوم الأردن الذي أودى بحياة 3 جنود أميركيين وإصابة اكثر من 40 آخرين.
وأعلنت ما تسمى بـ”المقاومة الإسلامية في العراق” أنها نفّذت هجمات “بطائرات مسيرة” فجر الأحد، استهدفت ثلاث قواعد في الأراضي السورية، بينها قاعدتا التنف والركبان القريبتان من الحدود مع الأردن.
وتتضارب المعلومات والتوقعات في العراق عن مدى قوة ومكان وزمان الضربة الأميركية التي توعد بها الرئيس الأميركي.
هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي الأسبق قال في تغريدة على منصة أكس ان “الضربات الاميركية القادمة ستكون مختلفة وماحقة ضد  محور المقاومة الإسلامية العراقية”.
وبين إن الجهات المتوقع استهدافها مؤلفة  :”من فصائل كتائب حزب الله والنجباء وسيد الشهداء والذين علنا أستهدفوا القوات الأميركية و منشآتهم في العراق و كردستان و سوريا”.
وأشار إلى أن ” ربما قياداتهم المسؤولة ومقراتهم حاليا و بالضد من قرارات الحكومة”.
وبشكل مفاجئ أعلنت كتائب “حزب الله” العراقية، مساء الثلاثاء، تعليق العمليات العسكرية والأمنية ضد القوات الأميركية، عازية ذلك “دفعا لإحراج الحكومة العراقية”.
وقال الأمين العام للكتائب أبو حسين الحميداوي في بيان، إن “طريق ذات الشوكة صعب عسير وضرائبه كبيرة، والأحرار السائرون فيه يُدركون أن الأثمان مهما عظمت تهون أمام تحقيق رضا الله ونصرة المستضعفين، وقد اتخذت المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله قرارها بدعم أهلنا المظلومين في غزة الصمود بإرادتها، ودون أي تدخل من الآخرين”.
وأضاف “بل إن إخوتنا في المحور، لا سيما في الجمهورية الإسلامية لا يعلمون كيفية عملنا الجهادي، وكثيرًا ما كانوا يعترضون على الضغط والتصعيد ضد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا، والتزاما منا بأداء تكليفنا الإنساني والعقائدي، فقد عملنا بحكمة وتدّبر ومراعاة الموازين الشرعية والأخلاقية بشكل دقيق في أشد الظروف وأقساها”.
ولفت الحميداوي بالقول “إننا إذ نعلن تعليق العمليات العسكرية والأمنية على قوات الاحتلال -دفعا لإحراج الحكومة العراقية- سنبقى ندافع عن أهلنا في غزة بطرق أخرى، ونوصي مجاهدي كتائب حزب الله الأحرار الشجعان بالدفاع السلبي (مؤقتاً)، إن حصل أي عمل أمريكي عدائي تجاههم”.
وكانت “المقاومة الإسلامية” قد رفضت في وقت سابق، في بيان، إيقاف استهداف قوات التحالف، واعتبرت الحديث عن “جدولة الانسحاب”، وهو ماتقوم به الحكومة العراقية، حيلة لـ”خلط الأوراق” و”كسب الوقت”.
ورغم ذلك فقد أحجمت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، عن تقديم تعليق مباشر على بيان لكتائب حزب الله العراقية المدعومة بعد إعلان وقف جميع عملياتها العسكرية ضد القوات الأميركية في المنطقة.
وقال البنتاغون: “الأفعال أعلى صوتا من الأقوال”.
وقال البريجادير جنرال باترك رايدر المتحدث باسم البنتاغون إن 3 هجمات بالفعل شُنت على القوات الأميركية في المنطقة منذ وقوع هجوم بطائرة مسيرة في 28 كانون الأول/  يناير على قاعدة في الأردن أسفر عن مقتل 3 جنود وإصابة أكثر من 40 آخرين. وأشار إلى أن ذلك سيعقبه رد أميركي.
وذكر رايدر في إفادة صحفية: “بالنسبة للبيان الصادر، لا أعتقد أننا كنا نحتاج أن نكون أكثر وضوحا في دعوتنا للجماعات الوكيلة لإيران إلى وقف هجماتها. لكنها لم توقفها، ولذلك، سنرد في الوقت والأسلوب اللذين نختارهما”.
وأضاف: “تعرفون، عندما أقول الأفعال أعلى صوتا من الكلمات، فقد وقعت 3 هجمات، حسب علمي، منذ 28 كانون الأول/ يناير”.
في غضون ذلك  توقع غازي فيصل، وهو باحث في الشأن السياسي العراقي في حديث لـ”جسور”، الرد الأميركي المرتقب بأنه سيعمل “على  تقويض عناصر والقدرات العسكرية للفصائل العراقية ردعها  من الاستمرار أو معاودة قصف واستهداف الوجود الأميركي وقوات التحالف الدولي في العراق وفي الخليج العربي والشرق الأوسط والبحر الأحمر”.
وأشار فيصل وهو يدير المركز العراقي للدراسات الاسراتيجية إلى إن “العملية العسكرية  القادمة ستكون واسعة النطاق، وتستهدف مقرات القيادة والسيطرة ومخازن الأسلحة من الصواريخ وطائرات مسيرة تابعة للفصائل، وتعمل على شل وإضعاف القدرات العسكرية لتلك المجاميع في العراق وسوريا التي هي في حالة مواجهة شبه يومية مع القواعد العسكرية الأميركية في البلدين”.
وتتسبب أخبار الرد الأميركي القريب، في حالة قلق وإرباك في الشارع العراقي الذي ينتظر تدخل الحكومة في إبعاد أو تنجب القصف داخل الأراضي العراقية.
وتقول بعض التسريبات التي وصلت لـ”جسور” بأن حكومة محمد السوداني، تحاول منذ أيام إقناع الولايات المتحدة بعدم توجيه ضربات في العراق وتخفيض التصعيد.
وكانت الحكومة والخارجية العراقية قد أصدرت بيانين رفضتها فيهما “التصعيد في المنطقة”، واستنكرت هجوم الأردن.
لكن على الجانب الآخر يقول الدكتور إحسان الشمري أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد لـ”جسور”، :”لا أتصور أن الحكومة العراقية قادرة على تخفيف الرد الأميركي المتوقع، السوداني اراد في البيان الاخير، أن يقول باننا غير مسؤولين عن التصعيد وحتى في قضية استهداف برج 22، لكن أكثر من ذلك “.
ويتابع الشمري وهو يرأس مركز التفكير السياسي أيضًا :”طبيعة النظرة الغربية والإقليمية وحتى العربية المعنية بترتيب الوضع بالمنطقة تنظر إلى العراق كطرف بالصراع وليس كدولة محايدة ولذلك هذا يستبعد إبتداءًا العراق من أي عملية تهدئة”.
الأمر الثاني الذي تحدث عنه الشمري، أن العراق حاول سابقًا لعب دور الوسيط بالمنطقة لكن فيما يبدو لم يحقق تقدمًا أو قبولاً.
ويضيف الشمري “لاسيما أن السوداني أعلن سابقا بأنه سيقوم بزيارة إلى دول المنطقة لكن الغيت لمبررات بأن الظروف غير مهيئة الآن، وبالتالي هو مؤشر عدم القبول بالدور للعراق، أو أن العراق غير مهيئ للعب هذا الدور”.
واعتبر رئيس المركز التفكير أن “محاولة إقحام العراق في هذا الملف خطوة غير مدروسة حتى على مستوى البيانات، ربما بغداد تمتلك الرغبة، لكن بالنهاية الموضوع لا يرتبط بالرغبة وإنما بالقبول ويبدو القبول غير متحقق”.
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى